شرعيّة سلاح المقاطعة "BDS" وتأثيره.
تمهيد:
خلال القرن العشرين قامت العشرات من حملات المُقاطعة حول العالم والتي كانت قوّة تُجبر الأطراف المُعتدية على الانصياع للشروط السياسيّة المطلوبة وتنفيذها رغمًا عنها، ونذكر منها حملة "سواديشي" الهنديّة التي انطلقت في بداية القرن الماضي بتأثير الخطط البريطانية التي كانت تهدف إلى تقسيم منطقة البنغال لجزئين، شرق مسلم وغرب هندوسي، إذ كانت الحملة جزءًا من حركة الاستقلال الهندية تهدف إلى مقاطعة البضائع البريطانية الواردة للهند والاعتماد على الإنتاج المحلي الهندي، وكان غاندي من الداعمين للحملة في ثلاثينيّات القرن الماضي، ونجحت الحملة بالضغط على بريطانيا، فأسست الهند اقتصادها وكفت اليد البريطانيّة.
وكانت أيضًا حركة مقاطعة دولة الأبارتهايد "جنوب أفريقيا"، التي نشأت على يد مجموعة من السياسيين من جنوب أفريقيا مُمثّلين في لجنة المنظمات الأفريقية، اجتمعوا مع مجموعات من الطلبة والمنفيين في لندن للبحث عن بديل سياسي ضد دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في سنة ١٩٥٩، واستمرت المقاطعة خمسة وثلاثين عامًا وسببت خسائر اقتصادية وسياسية كبيرة للدولة البريطانيّة وساهمت بتفكيك النظام الاقتصادي للدولة.
وحركة مقاطعة البضائع الألمانيّة في عام ١٩٣٣، التي لجأ الاتحاد المركزي لليهود الألمان المعروف بـ "CV" إليها لاستخدامها كحركة للاعتراض سياسيًّا ضد حكومة "الرايخ" الجديدة آنذاك، وكان حينها هتلر حاكمًا جديدًا لألمانيا وأعمال العنف ضد اليهود وضد مصالحهم تتصاعد، فكان هذا الخيار سببًا للقلق من قبل رعاة هتلر والحزب النازي من رجال الأعمال. إلا أن هذه الحركة لم تنجح حينها بوقف الاعتداء على اليهود الألمان، وكان سبب فشل هذه المحاولة بحسب المؤرّخين أن كان هناك عداء سياسي لحركة المقاطعة، وعقد اتفاقية مع الحزب النازي المعروفة باسم اتفاقية "الهفارا" وكانت تهدف إلى تهجير ستين ألف يهودي من ألمانيا إلى فلسطين.
من هذه الأمثلة، يمكن فهم ماهية المقاطعة ومعرفة أهميتها وقوّة تأثيرها على الصعيدين الاقتصادي ثم السياسي، ونلحظ أن عاملي نجاح استخدام هذه القوّة أو فشلها هو الشرط السياسي المُتمثّل بالتضامن والوحدة التي يشكلها الفاعلين السياسيين، والشرط الثاني هو الاقتصادي الذي ستتم المقاطعة في مجاله ويستدعي الإصرار الجماعي والاعتماد على الاقتصاد المحلي وتوقيف عملية الاستيراد الخارجي، وخيرة هذا الأمر هو خلق اكتفاء ذاتي يعتمد على القدرات والإمكانيات المحلية للإنتاج، وأي خلل في واحد من الشروط سيكون مصير المقاطعة الفشل، كما فشلت جهود يهود ألمانيا في المقاطعة.
في هذا المقال، أتكلم عن شرعية استخدام سلاح المُقاطعة نصرة لأهل غزة ردًا على العدوان الصهيوني الجائر، وصورة من صور الجزاءات الاقتصادية الدولية في ميثاق الأمم المتحدة المُتمثّلة بالمقاطعة، وسأتناول الحديث عن حركة المقاطعة الفلسطينية "BDS" وتأثيرها، هادفًا إلى حث الشباب العربي على استخدام هذه الوسيلة التي تنمّي لدينا الشعور بالمسؤولية الإنسانية، ولن أتكلم بالوطنيّات إنما في الجانب الإنساني وهذا أقل ما يمكن فعله.
نظرة في قواعد القانون الدولي:
إن الجزاءات الاقتصادية الدولية صورة من صور الجزاء الدولي المعترف بها في العلاقات الدولية، إلا أنها مع ذلك لم تحظ بتعريف لها في الفقه الدولي، وقد تباينت التعريفات بشأنها، ويرجع سبب ذلك إلى أن الجزاءات يندرج تحتها العديد من الأشكال، وتعد الجزاءات الاقتصادية الدولية من أهم أشكال الجزاء في إطار العلاقات الدولية، ولم يتطرق ميثاق الأمم المتحدة إلى تعريف الجزاءات أو العقوبات. وقد أدرج في معاهدة فرساي للدلالة على ممارسة الضغط بموجب المادة (١٦) من عهد عصبة الأمم، وعلى معاقبة مجرمي الحرب بموجب المادتين (۲۲۷، ۱۲۳۰). ويلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة لم يستخدم مصطلح "جزاء" وإن كان هذا المصطلح قد ورد في الأعمال التحضيرية للميثاق.
وعند صياغة ميثاق الأمم المتحدة أدخلت عدة تعديلات على مشروع دمبرتون أوكس"، وحل تعبير التدابير (Mesures) التي لا تتطلب استخدام القوة، كما ورد في المادة ٤١ بدلا من العقوبات أو الجزاءات، وقد تأثرت صياغة أحكام ميثاق الأمم المتحدة بتعابير الجزاءات التي تم استخدامها في عهد عصبة الأمم. وتعتبر المقاطعة صورة من صور الجزاءات الدولية الاقتصادية.
ويقصد بالمقاطعة، قيام الدولة بوقف علاقاتها الاقتصادية والمالية مع دولة أخرى ورعاياها بهدف إجبار هذه الدولة على الإذعان لمطلب الدولة الأولى، حيث تشمل المقاطعة وقف كل العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية والاجتماعية مع الدولة المستهدفة بالمقاطعة، أن تستغرق المقاطعة مختلف المجالات وبالخصوص السياحة والهجرة والسفر، ومختلف التعاملات التجارية والمالية، وقد تعنى المقاطعة الامتناع عن الشراء والاستيراد ومنعها، كما قد يدخل في إطارها منع التصدير وحظر الشحن الكلى أو الجزئي إلى دولة أو دول معينة.
تُقرر المقاطعة للضغط على الدولة المستهدفة بغية عرقلة تجارتها الخارجية وتعطيل علاقاتها المالية، والتأثير على سياستها الداخلية والخارجية، بمعنى إضعافها اقتصاديًا، ويرتبط نجاح المقاطعة الاقتصادية من عدمه بتحقيق أهدافها، ولذلك ينبغى أن تكون المقاطعة مؤثرة وفاعلة، بحيث تلحق أضرارًا اقتصادية جسيمة بالدولة المستهدفة حتى تعتبر ناجحة.
فالهدف من المقاطعة هو عدم إتاحة المجال للدولة المستهدفة من استيراد المواد والأسلحة الضرورية لها، وعرقلة صادراتها والحد من نشاطها الدولي، وربما هذا يجعلها بالغة الأثر وشديدة الوطأة على التوازن الاقتصادى للدولة، وذلك لارتباط الدول بعلاقات اقتصادية كبيرة ومتشابكة مع الدول الأخرى، مما يجعلها في حالة اعتماد مستمر على التعاون الاقتصادي، إما لاحتياجاتها لسلع أجنبية لإشباع حاجاتها الداخلية، وإما لتسويق منتجاتها خارجيًا، أو إما لطلب الحصول على مساعدات وتسهيلات مع غيرها من العلاقات المتبادلة بين الدول، وهذا ما يلحق الضرر بالدولة المستهدفة ويكبح حريتها في ممارسة حقوقها السيادية والتزاماتها الدولية.
ومن الجزاءات الدولية في المجال الاقتصادي التي لجأ إليها مجلس الأمن الدولي في حرب العراق والكويت، والتي تُحاكي معطياتها واقعنا الحالي، بالنسبة للعمليات العسكرية والوضع الإنساني الذي تبنّى حمايته مجلس الأمن الدولي مُقرّرًا جملة من التدابير لإنهاء الأزمة حينها، في ما يلي أعرض بين يديك القرار ٦٦١ الذي صدر بتاريخ ٦ آب عام ١٩٩٠ الذي جاء دون انتظار رد فعل من الحكومة العراقية على القرار٦٦٠، ويفرض القرار جزاءات شاملة على العراق بموافقة ١٣ دولة وامتناع كل من كوبا واليمن، وكان في مطلعه في النقطة الثالثة من قائمة التدابير:
" يقرر أن تمنع جميع الدول مايلي:
1. منع جميع الدول استيراد أي من السلع والمنتجات التي يكون مصدرها العراق أو الكويت.
2. أية أنشطة يقوم بها رعاياها أو تتم في أقاليمها ويكون من شأنها تعزيز، التصدير أو الشحن العابر لأية سلع أو منتجات من العراق أو الكويت.
3. أية عملية بيع أو توريد يقوم بها رعاياها أو تتم من أقاليمها أو باستخدام السفن التي ترفع علمها."
وفي النقطة الرابعة من القرار جاء: " يقرر أن تمنتنع جميع الدول عن توفير أية أموال أو أية موراد مالية أو اقتصادية أخرى لحكومة العراق أو لأية مشاريع تجارية أو صناعية أو لأية مشاريع للمرافق العامة في العراق أو الكويت."
إلى هنا أعتقد بأنه اتضحت شرعيّة استخدام سلاح المقاطعة، بناء على ما ورد أعلاه في قرار مجلس الأمن الدولي، وما جاء في القرار ٦٦١ وهذا ما يجب تطبيقه اليوم سواء بقرار أممي أو بمساع عربية ودولية للضغط على الكيان الصهيوني وتحقيق المزيد من النجاح بأذيته وتوقيف أعماله الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني.
حركة المقاطعة الفلسطينية "BDS" وتأثيرها:
نشأت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في فلسطين في ٩ يوليو عام ٢٠٠٥ على يد مدنية فلسطينية بتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة وفضح ومعاقبة الكيان الصهيوني، وامتدّت للعالم حاملة هدف الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولًا إلى حق تقرير المصير لكل فلسطيني في الوطن والشتات.
وقد حفّز انطلاق هذه الحركة وقوف العالم أجمع والعالم العربي خصوصًا مُتفرّجًا على الانتهاكات التي تمتهنها القوات الإسرائيلية في شتى الأراضي الفلسطينية، من اعتداءات متنوعة وصولًا إلى المساس بالتراث والتاريخ والمُقدّسات وعلى رأسها المسجد الأقصى، فكانت الحركة تنطلق ردًا على تلك الانتهاكات بنداء يدعو إلى التحرّك العالمي لفضح أعمال الكيان ويضع الحكومات العربية بمواجهة مع شعوبها والكف عن الخطابات البرّاقة التي تدعي خوفها واهتمامها بالقضية الفلسطينية.
أما اختصار "BDS" أو Boycott Divestment Sanctions فهو ما يلي:
1. Boycott (مقاطعة):
وتشمل وقف جميع المعاملات مع الكيان، وحظر التعاون مع شركاته أو مع الشركات الحليفة والشريكة في الانتهاكات لحقوق الشعب الفلسطيني وكذلك مقاطعة جميع المؤسسات كانت ثقافية أو رياضية أو تعليمية…
2. Divestment (سحب الاستثمار):
وهي من الركائز الثلاثة لحركة المقاطعة والتي تسعى إلى سحب الاستثمارات والضغط على المستثمرين المتعاقدين والمتعاونين مع مختلف الشركات الإسرائيلية والدولية الشريكة بالمشاريع الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، بأي صفة كان المستثمرون، أشخاص أو مؤسسات أو بنوك أو جمعيات خيرية…
3. Sanctions فرض العقوبات:
العقوبات هي تلك الإجراءات العقابية التي تتخذها دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف الانتهاكات، شاملة العقوبات العسكرية والاقتصادية والثقافية، مثل وقف اتفاقيات التجارة الحرة والتعاون العسكري، أو طرد إسرائيل من المنظمات والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة...
اكتسبت حركة المقاطعة الفلسطينية قوة جذب منذ عام ٢٠٠٨ إلى أن حصلت على دعم دولي وشعبي في عام ٢٠١٤ وأعلن الرئيس الإسرائيلي بشكل رسمي في عام ٢٠١٥ بأن حركة المقاطعة تشكل تهديدًا استراتيجيا، وبناء على ذلك ذهب لتقويض قدرات هذه الحركة بين تبني سياسات وتشريعات داخلية وصولًا إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي بهدف تغيير سياسات دول أجنبية، ومهاجمة أعضائها في فلسطين وخارجها.
هذا التهديد الاستراتيجي في قوة حملة BDS يكمن في الهدف المُتمثّل بحجب العالم للكيان الصهيوني، ويُنبذ اقتصاديًّا وثقافيًّا ورياضيًّا وسياسيًّا..، مما سيُشعر الكيان بالعزلة التي تسبب الضوجان وتجبره على التراجع عن تلك المُمارسات الشنيعة، ونتيجة لذلك يحاول الكيان حتى اللحظة بتجميل صورته أمام العالم بعدة وسائل مثل دعوة النجوم وإقامة المهرجانات التي يتخللها طلبات عجيبة مثل إجبار المشتركين على نشر آراء إجبارية تتحدث عن جمال إسرائيل وعن الإخلاص بالمعاملة والخدمات وذم الشعب الفلسطيني وتلفيق التهم بحقهم، وكل ذلك هو محاولة لإخفاء ما تفضحه حملة BDS.
ومع بداية الحرب الإبادية الشرسة على شعبنا في قطاع غزة، دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية من جديد لمقاطعة إسرائيل وتصعيد الحملات الشعبية المساندة والاستمرار في الحشد والضغط والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار وفتح المعابر وإدخال المساعدات.
شهد العالم في الآونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في تأثير الحراك التضامني العالمي مثل رفع دولة جنوب أفريقيا قضية في محكمة العدل الدولية تتهم فيها العدو بجريمة الإبادة الجماعية لتعلن المحكمة في ٢٦ يناير ٢٠٢٤ بمعقولية ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية.
وصدر في ٢٣ فبراير ٢٠٢٤ عن خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان بيانًا يشير إلى خطورة الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة، داعيًا جميع الدول إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال الوقف الفوري لجميع صادرات الأسلحة إلى الكيان وفرض عقوبات على التجارة والتمويل والسفر والتكنولوجيا والتعاون، ولو أمعنا النظر بما تطلبه حركة BDS لرأينا ذات المطالب التي تطالب الحركة بتنفيذها على هذا الكيان الغاصب.
وهنا أعرض بعض من مؤشرات تأثير حركة المقاطعة الفلسطينية ودليلًا حي على مدى قوة هذا السلاح وشرعيته عندما استجابت الدول لهذا النداء من أجل أهل غزة وهناك المزيد والجميع يشهد ونقترب من زوال هذا الكيان خطوة خطوة:
على مستوى الدول والحكومات المحلية:
● علّقت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي، في حين خفضت تشيلي وكولومبيا وتشاد وهندوراس وتركيا والأردن، من بين دول أخرى، مستوى علاقاتها معه.
● أعلن وزير الخارجية الأردني أن بلاده "لن توقع اتفاق لتبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل"، التي تم الإعلان عنها خلال إكسبو دبي 2020 والتي باتت معروفة باسم "الكهرباء مقابل الماء"، وذلك بعد ضغط جماهيري كبير من الجمهور الأردني، لعب شركاؤنا، "الأردن تقاطع"، دوراً رئيسياً فيه.
● أعلن الاتحاد الأفريقي التعليق الفعلي لإسرائيل كعضو مراقب.
● أوقفت حكومة والونيا الإقليمية في بلجيكا تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ودعتا نائبتا رئيس الوزراء في كل من بلجيكا وإسبانيا إلى "تعليق معاهدة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفرض حظر عام على الأسلحة، أو حتى فرض عقوبات بموجب نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي".
● في ٢٩ فبراير، صوّت حزب العمال الاشتراكي الإسباني، وهو الحزب الحاكم في إسبانيا، إلى جانب أحزاب أخرى، لصالح التعليق الفوري لتجارة الأسلحة الإسبانية مع إسرائيل. وفي ١٣ مارس، صوتت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإسباني لصالح وقف تجارة الأسلحة مع إسرائيل.
● أعلن صندوق التقاعد النرويجي، وهو أكبر الصناديق السيادية في العالم، أنه بحلول شهر نوفمبر ٢٠٢٣، كان قد سحب استثماراته بالكامل من السندات الحكومية الإسرائيلية، والبالغة قيمتها نصف مليار دولار.
● في ٣ يناير ٢٠٢٤، وافقت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ التشيلي على مشروع قانون لحظر التجارة مع المستعمرات الإسرائيلية.
● أعلن رئيس وزراء ماليزيا فرض الحظر على جميع السفن المملوكة للعدو الإسرائيلي، خاصة شركة الشحن الإسرائيلية "زيم"، وتلك المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وذلك "رداً على تصرفات إسرائيل التي تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية والقوانين الدولية". جاء هذا القرار بعد حملة قادتها (BDS Malaysia).
● صوّت البرلمان الكندي على وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في ١٨ مارس ٢٠٢٤، بينما دعا أكثر من ١٣٠ نائبًا بريطانيًا إلى حظر جميع مبيعات الأسلحة إليه.
على مستوى الشركات التجارية:
● في مارس ٢٠٢٤، اضطرت شركة ماكدونالدز الأمريكية العملاقة للوجبات السريعة إلى إسقاط دعوى الترهيب التي رفعتها ضدّ مجموعة المقاطعة في ماليزيا (BDS Malaysia)، متهمة المجموعة بـ "التشهير"، فيما أعلن east- china- المدير المالي للشركة أنها فشلت في تحقيق مبيعاتها المستهدفة لأول مرة منذ سنوات، ويرجع ذلك إلى حملات المقاطعة المتنامية ضدها، مضيفاً أن: "المبيعات الدولية ستنخفض تباعاً في الربع الحالي.. مما أدى إلى انخفاض أسهم الشركة ٢% في التعاملات المبكرة".
● أعلنت شركة الألبسة الرياضية الألمانية (PUMA) في ديسمبر ٢٠٢٣ أنها لن تجدد عقدها مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم الذي ينتهي بنهاية عام ٢٠٢٤، ويمثل القرار رضوخاً لضغوط حركة المقاطعة BDS .
● أعلنت شركة بن العميد الأردنية إغلاق جميع فروعها في "كارفور" المتواطئة في جريمة الإبادة الجماعية ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، ثم اضطرت "كارفور" مؤخرا إلى إغلاق جميع فروعها الواحدة والخمسين في الأردن بسبب تنامي حملة المقاطعة ضدها.
● واستبعدت إدارة الملتقى التوظيفي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة شركة "أكسا" للتأمين من قائمة الرعاة، وذلك استجابة لنداءات طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة الذين طالبوا بمقاطعة "أكسا" واستبعادها بسبب استثماراتها في البنوك الإسرائيلية.
على مستوى (النقابية، الأكاديمية، الثقافية، الرياضية، الدينية):
● علقت خمس جامعات نرويجية اتفاقيات التعاون مع الجامعات الإسرائيلية، رافضة التعامل معها بشكل اعتياديّ بينما ترتكب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية بحقّ ٢.٣ مليون فلسطينيّ في قطاع غزة المحتل والمحاصر.
● قرر مجلس كلية الحقوق بجامعة "أنتويرب" في بلجيكا بالإجماع وقف اتفاقية التعاون مع جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية بسبب دعمها العلني للإبادة الجماعية.
● أصدر مجلس طلبة كلية الحقوق في جامعة هارفارد قرارًا يدعو الإدارة وجميع المؤسسات والمنظمات في مجتمع الجامعة لسحب الاستثمارات من نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي الإبادي.
● طالبت كبر النقابات العمّالية الهندية، والتي تمثل عشرات الملايين، الحكومة الهندية بإلغاء اتفاق "تصدير" العمال الهنود إلى العمل في منظومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي ليحلوا محل العمال الفلسطينيين، وحثت العمال على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعدم التعامل مع البضائع الإسرائيلية.
● اتخذت نقابة عمال الموانئ في بلجيكا والهند وكاتالونيا وإيطاليا واليونان وتركيا وكاليفورنيا وجنوب أفريقيا إجراءات ضد السفن الإسرائيلية وشحنات الأسلحة الإسرائيلية رفضاً لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
● أعلن الاتحاد الدولي لعمال سائقي التطبيقات IAATW، والذي يمثل أكثر من ١٠٠ ألف سائق من أكثر من ٢٧ دولة و٦ قارات، مقاطعته لشركة (Chevron) الأمريكية للطاقة، المتواطئة في الجرائم الإسرائيلية.
● أكدت الكنيسة الأسقفية الميثودية الأفريقية، وهي أكبر وأقدم كنيسة للأمريكيين السود، والتي تضم نحو ٣ ملايين عضو، بأن إسرائيل تقوم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ودعت الولايات المتحدة إلى "السحب الفوري لكل التمويل وأشكال الدعم الأخرى من إسرائيل" لإنهاء تواطؤها.
في الختام:
شرعية سلاح المقاطعة لا يحتاج إلى إثبات، ولا تنتظر التبرير القانوني، إنها حق من حقوق الدفاع على النفس وفي ذلك لا جدال، في ما تقدم كنت أسلط الضوء بنيّة التذكير والتنويه على أن هذه الوسيلة ذات تأثير واستحضرت الأمثلة الحية والتي نشهدها في الوقت الراهن، ولها في القانون الدولي مكانة عظيمة لسلميتها ولكونها حق يُشرّع عند التعرّض للانتهاكات وخرق القوانين وعلى رأسها الإنساني، أدرجتها الأمم المتحدة ضمن قوائم مواثيقها ويبت فيها مجلس الأمن الدولي قرارًا دوليًّا يتوجب تنفيذه.
باتت المقاطعة مسؤولية الجميع، والشباب في المقدمة لأنهم الفئة التي تحمل راية التغيير والتأثير، ثم إن المقاطعة سلاح من لا حول له ولا قوّة لمواجهة الإبادة الجماعية التي يشنها العدوان الصهيوني على أطفال ونساء وشيوخ غزة.
إلى هنا نصل إلى نتيجة ملموسة وقناعة ثابتة بأن الوسيلة الأكثر تأثيرًا والسلاح الأقوى لثني هذا العدو تكمن في الوحدة وبالاتفاق والإصرار والالتزام لتنفيذ هذا الهدف، وإنه بعد ما تقدم في هذا المقال المتواضع وبناء على ما ورد من أمثلة حيّة وإثباتات واقعية، فإن المقاطعة سلاحا شرعيا منصوصا في القوانين الدولية وواردا في مواثيق الأمم المتحدة، وقد أثبت فعاليته في دحر الاستعمار.
محمد القصير