18
Nov

شرعيّة سلاح المقاطعة "BDS" وتأثيره.

شرعيّة سلاح المقاطعة "BDS" وتأثيره. تمهيد: خلال القرن العشرين قامت العشرات من حملات المُقاطعة حول العالم والتي كانت قوّة تُجبر الأطراف المُعتدية على الانصياع للشروط السياسيّة المطلوبة وتنفيذها رغمًا عنها، ونذكر منها حملة "سواديشي" الهنديّة التي انطلقت في بداية القرن الماضي بتأثير الخطط البريطانية التي كانت تهدف إلى تقسيم منطقة البنغال لجزئين، شرق مسلم وغرب هندوسي، إذ كانت الحملة جزءًا من حركة الاستقلال الهندية تهدف إلى مقاطعة البضائع البريطانية الواردة للهند والاعتماد على الإنتاج المحلي الهندي، وكان غاندي من الداعمين للحملة في ثلاثينيّات القرن الماضي، ونجحت الحملة بالضغط على بريطانيا، فأسست الهند اقتصادها وكفت اليد البريطانيّة. وكانت أيضًا حركة مقاطعة دولة الأبارتهايد "جنوب أفريقيا"، التي نشأت على يد مجموعة من السياسيين من جنوب أفريقيا مُمثّلين في لجنة المنظمات الأفريقية، اجتمعوا مع مجموعات من الطلبة والمنفيين في لندن للبحث عن بديل سياسي ضد دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في سنة ١٩٥٩، واستمرت المقاطعة خمسة وثلاثين عامًا وسببت خسائر اقتصادية وسياسية كبيرة للدولة البريطانيّة وساهمت بتفكيك النظام الاقتصادي للدولة. وحركة مقاطعة البضائع الألمانيّة في عام ١٩٣٣، التي لجأ الاتحاد المركزي لليهود الألمان المعروف بـ "CV" إليها لاستخدامها كحركة للاعتراض سياسيًّا ضد حكومة "الرايخ" الجديدة آنذاك، وكان حينها هتلر حاكمًا جديدًا لألمانيا وأعمال العنف ضد اليهود وضد مصالحهم تتصاعد، فكان هذا الخيار سببًا للقلق من قبل رعاة هتلر والحزب النازي من رجال الأعمال. إلا أن هذه الحركة لم تنجح حينها بوقف الاعتداء على اليهود الألمان، وكان سبب فشل هذه المحاولة بحسب المؤرّخين أن كان هناك عداء سياسي لحركة المقاطعة، وعقد اتفاقية مع الحزب النازي المعروفة باسم اتفاقية "الهفارا" وكانت تهدف إلى تهجير ستين ألف يهودي من ألمانيا إلى فلسطين. من هذه الأمثلة، يمكن فهم ماهية المقاطعة ومعرفة أهميتها وقوّة تأثيرها على الصعيدين الاقتصادي ثم السياسي، ونلحظ أن عاملي نجاح استخدام هذه القوّة أو فشلها هو الشرط السياسي المُتمثّل بالتضامن والوحدة التي يشكلها الفاعلين السياسيين، والشرط الثاني هو الاقتصادي الذي ستتم المقاطعة في مجاله ويستدعي الإصرار الجماعي والاعتماد على الاقتصاد المحلي وتوقيف عملية الاستيراد الخارجي، وخيرة هذا الأمر هو خلق اكتفاء ذاتي يعتمد على القدرات والإمكانيات المحلية للإنتاج، وأي خلل في واحد من الشروط سيكون مصير المقاطعة الفشل، كما فشلت جهود يهود ألمانيا في المقاطعة. في هذا المقال، أتكلم عن شرعية استخدام سلاح المُقاطعة نصرة لأهل غزة ردًا على العدوان الصهيوني الجائر، وصورة من صور الجزاءات الاقتصادية الدولية في ميثاق الأمم المتحدة المُتمثّلة بالمقاطعة، وسأتناول الحديث عن حركة المقاطعة الفلسطينية "BDS" وتأثيرها، هادفًا إلى حث الشباب العربي على استخدام هذه الوسيلة التي تنمّي لدينا الشعور بالمسؤولية الإنسانية، ولن أتكلم بالوطنيّات إنما في الجانب الإنساني وهذا أقل ما يمكن فعله. نظرة في قواعد القانون الدولي: إن الجزاءات الاقتصادية الدولية صورة من صور الجزاء الدولي المعترف بها في العلاقات الدولية، إلا أنها مع ذلك لم تحظ بتعريف لها في الفقه الدولي، وقد تباينت التعريفات بشأنها، ويرجع سبب ذلك إلى أن الجزاءات يندرج تحتها العديد من الأشكال، وتعد الجزاءات الاقتصادية الدولية من أهم أشكال الجزاء في إطار العلاقات الدولية، ولم يتطرق ميثاق الأمم المتحدة إلى تعريف الجزاءات أو العقوبات. وقد أدرج في معاهدة فرساي للدلالة على ممارسة الضغط بموجب المادة (١٦) من عهد عصبة الأمم، وعلى معاقبة مجرمي الحرب بموجب المادتين (۲۲۷، ۱۲۳۰). ويلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة لم يستخدم مصطلح "جزاء" وإن كان هذا المصطلح قد ورد في الأعمال التحضيرية للميثاق. وعند صياغة ميثاق الأمم المتحدة أدخلت عدة تعديلات على مشروع دمبرتون أوكس"، وحل تعبير التدابير (Mesures) التي لا تتطلب استخدام القوة، كما ورد في المادة ٤١ بدلا من العقوبات أو الجزاءات، وقد تأثرت صياغة أحكام ميثاق الأمم المتحدة بتعابير الجزاءات التي تم استخدامها في عهد عصبة الأمم. وتعتبر المقاطعة صورة من صور الجزاءات الدولية الاقتصادية. ويقصد بالمقاطعة، قيام الدولة بوقف علاقاتها الاقتصادية والمالية مع دولة أخرى ورعاياها بهدف إجبار هذه الدولة على الإذعان لمطلب الدولة الأولى، حيث تشمل المقاطعة وقف كل العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية والاجتماعية مع الدولة المستهدفة بالمقاطعة، أن تستغرق المقاطعة مختلف المجالات وبالخصوص السياحة والهجرة والسفر، ومختلف التعاملات التجارية والمالية، وقد تعنى المقاطعة الامتناع عن الشراء والاستيراد ومنعها، كما قد يدخل في إطارها منع التصدير وحظر الشحن الكلى أو الجزئي إلى دولة أو دول معينة. تُقرر المقاطعة للضغط على الدولة المستهدفة بغية عرقلة تجارتها الخارجية وتعطيل علاقاتها المالية، والتأثير على سياستها الداخلية والخارجية، بمعنى إضعافها اقتصاديًا، ويرتبط نجاح المقاطعة الاقتصادية من عدمه بتحقيق أهدافها، ولذلك ينبغى أن تكون المقاطعة مؤثرة وفاعلة، بحيث تلحق أضرارًا اقتصادية جسيمة بالدولة المستهدفة حتى تعتبر ناجحة. فالهدف من المقاطعة هو عدم إتاحة المجال للدولة المستهدفة من استيراد المواد والأسلحة الضرورية لها، وعرقلة صادراتها والحد من نشاطها الدولي، وربما هذا يجعلها بالغة الأثر وشديدة الوطأة على التوازن الاقتصادى للدولة، وذلك لارتباط الدول بعلاقات اقتصادية كبيرة ومتشابكة مع الدول الأخرى، مما يجعلها في حالة اعتماد مستمر على التعاون الاقتصادي، إما لاحتياجاتها لسلع أجنبية لإشباع حاجاتها الداخلية، وإما لتسويق منتجاتها خارجيًا، أو إما لطلب الحصول على مساعدات وتسهيلات مع غيرها من العلاقات المتبادلة بين الدول، وهذا ما يلحق الضرر بالدولة المستهدفة ويكبح حريتها في ممارسة حقوقها السيادية والتزاماتها الدولية. ومن الجزاءات الدولية في المجال الاقتصادي التي لجأ إليها مجلس الأمن الدولي في حرب العراق والكويت، والتي تُحاكي معطياتها واقعنا الحالي، بالنسبة للعمليات العسكرية والوضع الإنساني الذي تبنّى حمايته مجلس الأمن الدولي مُقرّرًا جملة من التدابير لإنهاء الأزمة حينها، في ما يلي أعرض بين يديك القرار ٦٦١ الذي صدر بتاريخ ٦ آب عام ١٩٩٠ الذي جاء دون انتظار رد فعل من الحكومة العراقية على القرار٦٦٠، ويفرض القرار جزاءات شاملة على العراق بموافقة ١٣ دولة وامتناع كل من كوبا واليمن، وكان في مطلعه في النقطة الثالثة من قائمة التدابير: " يقرر أن تمنع جميع الدول مايلي: 1. منع جميع الدول استيراد أي من السلع والمنتجات التي يكون مصدرها العراق أو الكويت. 2. أية أنشطة يقوم بها رعاياها أو تتم في أقاليمها ويكون من شأنها تعزيز، التصدير أو الشحن العابر لأية سلع أو منتجات من العراق أو الكويت. 3. أية عملية بيع أو توريد يقوم بها رعاياها أو تتم من أقاليمها أو باستخدام السفن التي ترفع علمها." وفي النقطة الرابعة من القرار جاء: " يقرر أن تمنتنع جميع الدول عن توفير أية أموال أو أية موراد مالية أو اقتصادية أخرى لحكومة العراق أو لأية مشاريع تجارية أو صناعية أو لأية مشاريع للمرافق العامة في العراق أو الكويت." إلى هنا أعتقد بأنه اتضحت شرعيّة استخدام سلاح المقاطعة، بناء على ما ورد أعلاه في قرار مجلس الأمن الدولي، وما جاء في القرار ٦٦١ وهذا ما يجب تطبيقه اليوم سواء بقرار أممي أو بمساع عربية ودولية للضغط على الكيان الصهيوني وتحقيق المزيد من النجاح بأذيته وتوقيف أعماله الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني. حركة المقاطعة الفلسطينية "BDS" وتأثيرها: نشأت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في فلسطين في ٩ يوليو عام ٢٠٠٥ على يد مدنية فلسطينية بتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة وفضح ومعاقبة الكيان الصهيوني، وامتدّت للعالم حاملة هدف الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولًا إلى حق تقرير المصير لكل فلسطيني في الوطن والشتات. وقد حفّز انطلاق هذه الحركة وقوف العالم أجمع والعالم العربي خصوصًا مُتفرّجًا على الانتهاكات التي تمتهنها القوات الإسرائيلية في شتى الأراضي الفلسطينية، من اعتداءات متنوعة وصولًا إلى المساس بالتراث والتاريخ والمُقدّسات وعلى رأسها المسجد الأقصى، فكانت الحركة تنطلق ردًا على تلك الانتهاكات بنداء يدعو إلى التحرّك العالمي لفضح أعمال الكيان ويضع الحكومات العربية بمواجهة مع شعوبها والكف عن الخطابات البرّاقة التي تدعي خوفها واهتمامها بالقضية الفلسطينية. أما اختصار "BDS" أو Boycott Divestment Sanctions فهو ما يلي: 1. Boycott (مقاطعة): وتشمل وقف جميع المعاملات مع الكيان، وحظر التعاون مع شركاته أو مع الشركات الحليفة والشريكة في الانتهاكات لحقوق الشعب الفلسطيني وكذلك مقاطعة جميع المؤسسات كانت ثقافية أو رياضية أو تعليمية… 2. Divestment (سحب الاستثمار): وهي من الركائز الثلاثة لحركة المقاطعة والتي تسعى إلى سحب الاستثمارات والضغط على المستثمرين المتعاقدين والمتعاونين مع مختلف الشركات الإسرائيلية والدولية الشريكة بالمشاريع الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، بأي صفة كان المستثمرون، أشخاص أو مؤسسات أو بنوك أو جمعيات خيرية… 3. Sanctions فرض العقوبات: العقوبات هي تلك الإجراءات العقابية التي تتخذها دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف الانتهاكات، شاملة العقوبات العسكرية والاقتصادية والثقافية، مثل وقف اتفاقيات التجارة الحرة والتعاون العسكري، أو طرد إسرائيل من المنظمات والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة... اكتسبت حركة المقاطعة الفلسطينية قوة جذب منذ عام ٢٠٠٨ إلى أن حصلت على دعم دولي وشعبي في عام ٢٠١٤ وأعلن الرئيس الإسرائيلي بشكل رسمي في عام ٢٠١٥ بأن حركة المقاطعة تشكل تهديدًا استراتيجيا، وبناء على ذلك ذهب لتقويض قدرات هذه الحركة بين تبني سياسات وتشريعات داخلية وصولًا إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي بهدف تغيير سياسات دول أجنبية، ومهاجمة أعضائها في فلسطين وخارجها. هذا التهديد الاستراتيجي في قوة حملة BDS يكمن في الهدف المُتمثّل بحجب العالم للكيان الصهيوني، ويُنبذ اقتصاديًّا وثقافيًّا ورياضيًّا وسياسيًّا..، مما سيُشعر الكيان بالعزلة التي تسبب الضوجان وتجبره على التراجع عن تلك المُمارسات الشنيعة، ونتيجة لذلك يحاول الكيان حتى اللحظة بتجميل صورته أمام العالم بعدة وسائل مثل دعوة النجوم وإقامة المهرجانات التي يتخللها طلبات عجيبة مثل إجبار المشتركين على نشر آراء إجبارية تتحدث عن جمال إسرائيل وعن الإخلاص بالمعاملة والخدمات وذم الشعب الفلسطيني وتلفيق التهم بحقهم، وكل ذلك هو محاولة لإخفاء ما تفضحه حملة BDS. ومع بداية الحرب الإبادية الشرسة على شعبنا في قطاع غزة، دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية من جديد لمقاطعة إسرائيل وتصعيد الحملات الشعبية المساندة والاستمرار في الحشد والضغط والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار وفتح المعابر وإدخال المساعدات. شهد العالم في الآونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في تأثير الحراك التضامني العالمي مثل رفع دولة جنوب أفريقيا قضية في محكمة العدل الدولية تتهم فيها العدو بجريمة الإبادة الجماعية لتعلن المحكمة في ٢٦ يناير ٢٠٢٤ بمعقولية ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية. وصدر في ٢٣ فبراير ٢٠٢٤ عن خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان بيانًا يشير إلى خطورة الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة، داعيًا جميع الدول إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال الوقف الفوري لجميع صادرات الأسلحة إلى الكيان وفرض عقوبات على التجارة والتمويل والسفر والتكنولوجيا والتعاون، ولو أمعنا النظر بما تطلبه حركة BDS لرأينا ذات المطالب التي تطالب الحركة بتنفيذها على هذا الكيان الغاصب. وهنا أعرض بعض من مؤشرات تأثير حركة المقاطعة الفلسطينية ودليلًا حي على مدى قوة هذا السلاح وشرعيته عندما استجابت الدول لهذا النداء من أجل أهل غزة وهناك المزيد والجميع يشهد ونقترب من زوال هذا الكيان خطوة خطوة: على مستوى الدول والحكومات المحلية: ● علّقت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي، في حين خفضت تشيلي وكولومبيا وتشاد وهندوراس وتركيا والأردن، من بين دول أخرى، مستوى علاقاتها معه. ● أعلن وزير الخارجية الأردني أن بلاده "لن توقع اتفاق لتبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل"، التي تم الإعلان عنها خلال إكسبو دبي 2020 والتي باتت معروفة باسم "الكهرباء مقابل الماء"، وذلك بعد ضغط جماهيري كبير من الجمهور الأردني، لعب شركاؤنا، "الأردن تقاطع"، دوراً رئيسياً فيه. ● أعلن الاتحاد الأفريقي التعليق الفعلي لإسرائيل كعضو مراقب. ● أوقفت حكومة والونيا الإقليمية في بلجيكا تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ودعتا نائبتا رئيس الوزراء في كل من بلجيكا وإسبانيا إلى "تعليق معاهدة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفرض حظر عام على الأسلحة، أو حتى فرض عقوبات بموجب نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي". ● في ٢٩ فبراير، صوّت حزب العمال الاشتراكي الإسباني، وهو الحزب الحاكم في إسبانيا، إلى جانب أحزاب أخرى، لصالح التعليق الفوري لتجارة الأسلحة الإسبانية مع إسرائيل. وفي ١٣ مارس، صوتت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإسباني لصالح وقف تجارة الأسلحة مع إسرائيل. ● أعلن صندوق التقاعد النرويجي، وهو أكبر الصناديق السيادية في العالم، أنه بحلول شهر نوفمبر ٢٠٢٣، كان قد سحب استثماراته بالكامل من السندات الحكومية الإسرائيلية، والبالغة قيمتها نصف مليار دولار. ● في ٣ يناير ٢٠٢٤، وافقت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ التشيلي على مشروع قانون لحظر التجارة مع المستعمرات الإسرائيلية. ● أعلن رئيس وزراء ماليزيا فرض الحظر على جميع السفن المملوكة للعدو الإسرائيلي، خاصة شركة الشحن الإسرائيلية "زيم"، وتلك المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وذلك "رداً على تصرفات إسرائيل التي تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية والقوانين الدولية". جاء هذا القرار بعد حملة قادتها (BDS Malaysia). ● صوّت البرلمان الكندي على وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في ١٨ مارس ٢٠٢٤، بينما دعا أكثر من ١٣٠ نائبًا بريطانيًا إلى حظر جميع مبيعات الأسلحة إليه. على مستوى الشركات التجارية: ● في مارس ٢٠٢٤، اضطرت شركة ماكدونالدز الأمريكية العملاقة للوجبات السريعة إلى إسقاط دعوى الترهيب التي رفعتها ضدّ مجموعة المقاطعة في ماليزيا (BDS Malaysia)، متهمة المجموعة بـ "التشهير"، فيما أعلن east- china- المدير المالي للشركة أنها فشلت في تحقيق مبيعاتها المستهدفة لأول مرة منذ سنوات، ويرجع ذلك إلى حملات المقاطعة المتنامية ضدها، مضيفاً أن: "المبيعات الدولية ستنخفض تباعاً في الربع الحالي.. مما أدى إلى انخفاض أسهم الشركة ٢% في التعاملات المبكرة". ● أعلنت شركة الألبسة الرياضية الألمانية (PUMA) في ديسمبر ٢٠٢٣ أنها لن تجدد عقدها مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم الذي ينتهي بنهاية عام ٢٠٢٤، ويمثل القرار رضوخاً لضغوط حركة المقاطعة BDS . ● أعلنت شركة بن العميد الأردنية إغلاق جميع فروعها في "كارفور" المتواطئة في جريمة الإبادة الجماعية ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، ثم اضطرت "كارفور" مؤخرا إلى إغلاق جميع فروعها الواحدة والخمسين في الأردن بسبب تنامي حملة المقاطعة ضدها. ● واستبعدت إدارة الملتقى التوظيفي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة شركة "أكسا" للتأمين من قائمة الرعاة، وذلك استجابة لنداءات طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة الذين طالبوا بمقاطعة "أكسا" واستبعادها بسبب استثماراتها في البنوك الإسرائيلية. على مستوى (النقابية، الأكاديمية، الثقافية، الرياضية، الدينية): ● علقت خمس جامعات نرويجية اتفاقيات التعاون مع الجامعات الإسرائيلية، رافضة التعامل معها بشكل اعتياديّ بينما ترتكب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية بحقّ ٢.٣ مليون فلسطينيّ في قطاع غزة المحتل والمحاصر. ● قرر مجلس كلية الحقوق بجامعة "أنتويرب" في بلجيكا بالإجماع وقف اتفاقية التعاون مع جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية بسبب دعمها العلني للإبادة الجماعية. ● أصدر مجلس طلبة كلية الحقوق في جامعة هارفارد قرارًا يدعو الإدارة وجميع المؤسسات والمنظمات في مجتمع الجامعة لسحب الاستثمارات من نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي الإبادي. ● طالبت كبر النقابات العمّالية الهندية، والتي تمثل عشرات الملايين، الحكومة الهندية بإلغاء اتفاق "تصدير" العمال الهنود إلى العمل في منظومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي ليحلوا محل العمال الفلسطينيين، وحثت العمال على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعدم التعامل مع البضائع الإسرائيلية. ● اتخذت نقابة عمال الموانئ في بلجيكا والهند وكاتالونيا وإيطاليا واليونان وتركيا وكاليفورنيا وجنوب أفريقيا إجراءات ضد السفن الإسرائيلية وشحنات الأسلحة الإسرائيلية رفضاً لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة. ● أعلن الاتحاد الدولي لعمال سائقي التطبيقات IAATW، والذي يمثل أكثر من ١٠٠ ألف سائق من أكثر من ٢٧ دولة و٦ قارات، مقاطعته لشركة (Chevron) الأمريكية للطاقة، المتواطئة في الجرائم الإسرائيلية. ● أكدت الكنيسة الأسقفية الميثودية الأفريقية، وهي أكبر وأقدم كنيسة للأمريكيين السود، والتي تضم نحو ٣ ملايين عضو، بأن إسرائيل تقوم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ودعت الولايات المتحدة إلى "السحب الفوري لكل التمويل وأشكال الدعم الأخرى من إسرائيل" لإنهاء تواطؤها. في الختام: شرعية سلاح المقاطعة لا يحتاج إلى إثبات، ولا تنتظر التبرير القانوني، إنها حق من حقوق الدفاع على النفس وفي ذلك لا جدال، في ما تقدم كنت أسلط الضوء بنيّة التذكير والتنويه على أن هذه الوسيلة ذات تأثير واستحضرت الأمثلة الحية والتي نشهدها في الوقت الراهن، ولها في القانون الدولي مكانة عظيمة لسلميتها ولكونها حق يُشرّع عند التعرّض للانتهاكات وخرق القوانين وعلى رأسها الإنساني، أدرجتها الأمم المتحدة ضمن قوائم مواثيقها ويبت فيها مجلس الأمن الدولي قرارًا دوليًّا يتوجب تنفيذه. باتت المقاطعة مسؤولية الجميع، والشباب في المقدمة لأنهم الفئة التي تحمل راية التغيير والتأثير، ثم إن المقاطعة سلاح من لا حول له ولا قوّة لمواجهة الإبادة الجماعية التي يشنها العدوان الصهيوني على أطفال ونساء وشيوخ غزة. إلى هنا نصل إلى نتيجة ملموسة وقناعة ثابتة بأن الوسيلة الأكثر تأثيرًا والسلاح الأقوى لثني هذا العدو تكمن في الوحدة وبالاتفاق والإصرار والالتزام لتنفيذ هذا الهدف، وإنه بعد ما تقدم في هذا المقال المتواضع وبناء على ما ورد من أمثلة حيّة وإثباتات واقعية، فإن المقاطعة سلاحا شرعيا منصوصا في القوانين الدولية وواردا في مواثيق الأمم المتحدة، وقد أثبت فعاليته في دحر الاستعمار. محمد القصير

إقرأ المزيد
31
May

سيناريو آخر للحرب

إنها ليست جولة أولى على أية حال، فقد سبق هذا العدوان الأخير اعتداءات أو كما يقال عنها تصعيدات عسكرية، وهذا إنما يدل على أن العدوان قائم متواصل في ميادين شتى ولدواع عديدة، إنما يُصعَّد من حين لآخر حسب متطلبات ورؤى الكيان المستعمر الإحلالي ولا بد لنا من مراجعة بضع حقائق هنا، أولا، قطاع غزة وهو خيط ساحلي تبلغ مساحته 365 كيلو مترا مربعا محتل بشكل غير مباشر ومحاصر، فبالإضافة مثلا إلى أنه مضطر على التداول بعملة العدو، يقف العدو على كل معابره متحكما بالحركة والمعيشة والاقتصاد، عدا معبر رفح، النقطة الواصلة بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، من المفترض أنها نقطة سيادية تقوم عليها مصر. ثانيا، كان قد انسحب العدو من غزة العام 2005 مدفوعا بمقاومة شديدة، فكشف في إعلانه الانسحاب عن قرار فك ارتباط أحادي الجانب، وهو مصطلح سياسي يرمي إلى انفصال بين دولتين حتى تحقق كل دولة منهما سيادتها جغرافيا وسياسيا، وسيلغى الكنيست القرار فيما بعد في آذار من العام2023 ثالثا، بدأ الحصار على غزة العام 2007 عقب الانتخابات التشريعية في كانون الثاني للعام 2006، عقابا جماعيا على اختيار أهل غزة ممثلا تشريعيا لهم، من خلال عملية انتخاب ديموقراطية، إلا أن العدو-الديموقراطي الوحيد في الشرق الأوسط حسب تقدير الغرب-أراد مصيرا آخرا لأهل غزة. رابعا، اعتدى العدو الإسرائيلي منذ انسحابه من القطاع حتى ما قبل 7 أكتوبر العام 2023، ست مرات على غزة كان أطولها مدة عملية "الجرف الصامد" العام 2014 استمرت 51 يوما وارتقى فيها 2322 شهيدا. فكيف بنا اليوم نعد زيادة عن 220 يوما من العدوان على القطاع؟ أكثر من 35 ألف شهيد، أكثر من 10 آلاف مفقود بين أسير أو شهيد أو حي تحت الأنقاض، وعشرات آلاف الجرحى لم ينجوا من جراحهم ولن ينجوا من استهداف آخر. اتفق الرأي العام بداية العدوان في أكتوبر العام 2023 على سيناريو مغاير للواقعة، على شاكلة الاعتداءات السابقة كأقل تقدير، كنا في أحاديثنا نقول سيتحرك هذا العالم بطبيعة الحال، نرجع أمنيتنا هاته إلى أسباب عدة، منها: أنه قد ثبت كذب الرواية الإسرائيلية، وبدا جليا استخدام العدو لمنصات وألسن إعلامية بشكل سخيف مبتذل. أن المسألة ترتبط بشكل أساسي بحال من نضال مستمر وقضية صحيحة هي فلسطين التاريخية، وأن الشعب الفلسطيني شعب لأمة لن تتفرج عليه يذبح. أنه نضال بين مستعمر محتل وبين شعب قابع تحت استعمار إحلالي منذ 76 عاما، وأن القانون الدولي الإنساني بيَّن حق الدفاع عن النفس لمن، ومتى يُستحق وأننا في زمن الحقوق الإنسانية والمنظمات اللاهثة في هذا السبيل، بالإضافة إلى الذين يدينون بالحقوق والإنسانية، على جانب سلطوي آخر تدين دول وجماعات ذات وزن شعبي وسياسي وعسكري بحق النضال الفلسطيني وواجب دعمه ومناصرته لكننا "نحن" منذ تاريخ هذا العدوان ونحن نقف على كل مجزرة نحسب أنها ستدفع هذا العالم ليقف مرة واحدة بوجه العدو، واللافت أيضا لما قلنا نحن فلا لسنا نقصد الشعب الفلسطيني حصرا، ولم نشمل الرأي العام العربي فحسب، بل نحن مجموعات متفاوتة العرق والجنس والانتماء والثقافة ترى أنه لا بد من إيقاف هذه الإبادة الجماعية بحق قطاع غزة، بل لا بد من استرداد الحق الفلسطيني من النهر إلى البحر هناك مشهدا حقيقيا اليوم لمجتمعات تفترش الطرقات تتفاوت أعمارهم، ومستوياتهم التعليمية، ووظائفهم المجتمعية، ومراكزهم كلهم من مطرحه وبلده يطلب تحركا جادًا لوقف الإبادة، والكف عن دعم المجرم العدو، لكن شيئا يقف حائلا بين إرادة المجتمعات وبين وقف الإبادة، هو إرادة الحكومات التي خلُصت إلى أنه لا دليل على الإبادة في غزة، وحاولت جهدها أن تسوق لرواية العدو المستعمر أنه ألقى جحيمه على غزة من باب الدفاع عن النفس ليس إلا! بل بدا كأنَّ الطبقة الحاكمة على صعيد العالم كانت تتحيَّن فرصة 'تحييد' قطاع غزة، ووسط خطابات وبيانات مليئة ب'أنا إنسان أعارض العنف' تعبر قافلة أسلحة حديثة متطورة، منهم إلى إسرائيل، تدمر القطاع الصحي والتعليمي وتبتر جوارح الناس وتثكل أفئدتهم، وتلاحقهم من المبنى إلى الخيمة، ونحن نقلب أنظارنا بين موقفين، إما معبر فيلاديلفيا البري بين غزة ومصر، أو رصيفا مائيا استعانوا على بنائه بأنقاض مبانٍ دمرت في غزة قد تحمل بجعابها عظاما من شهداء أو تحمل لحمهم! إنَّ أحدا في هذا الضرب الزمني المتسارع من وفود العالم المتقدم التي تهافتت على المنطقة ساعية في الحرب أو في السلم لم تسأل غزة ماذا تريد، وأي مصير ترغب! هذا سيناريو آخر للحرب لم يتوقعه محلل أو خبير أظن، ظلّت القراءات تتطرف بالأحداث، زعم البعض أنه عدوان لن يطول، والبعض الآخر آمن بأن حربا ستدور رحاها في الإقليم، لكن غزة ظلّت في الوسط، تنهش من كل حدب وصوب، تذوق أهوال الحروب التى شهدتها الأمم في عدوان واحد جملة واحدة… إنها الحرب ليست بأمانينا، إنما كيف أخطأنا في عمرها ووحشيتها التقدير؟

إقرأ المزيد
07
Sep

نضال مع وقف التنفيذ

والنضالُ بعينه حقٌ يٌسلبُ منا شيئا فشيئا لذرائع معلَّبة، قد أبداهُ المجتمع الدولي فعلا متحفظًا فيما يخص الحالة الفلسطينية، فحكم بشرعية النضال مع وقف التنفيذ. بيد أن هذا كله لم يلغِ دور الشباب الفلسطيني اللاجئ في النضال وفي استثمار لجوئه داعما لآلة نضال متجددة في فلسطين، فالشباب اللاجئ إعلامٌ متنقل متحدث يخدم الخبر الفلسطيني، وراوٍ مصحح لرواياتٍ مسمومة مبثوثة عبر ماكينة إعلام العدو، وصامدٌ يتمسكُ 'بلا للتوطين.' بقلم: مروة كندي

إقرأ المزيد
10
Nov

مكبر الصوت ليس حكراً على أحد

هناك حاجة ملحة في الأصل لتظهر رأيك، لأن تقف بين جماعة من ناسك وتؤثر بهم ويؤثرون بك، ثم تستخلصون سبيلا وتعرفونه وتسعون به. هذا كله جدوى لا بد منها ليستقيم الحكم، ولئلا تصنع طاغية عليك فينتهي بك الأمر وأنت لا يعجبك شيئا. الحق الراسخ الآدمي في المشاركة في الحياة السياسية، فطرة في الفرد والجماعة غايتها أن يستوي المجتمع ويصح، فالرائي وحده إن ينظر بعينه الواحدة دون الأخذ بعين الإعتبار بأراء غيره وتصوراتهم هو دون الإبداع والذكاء، وهو إلى رغبته الأنية أقرب منها من حاجته إلى صقل آدميته والحفاظ عليها. ومما لا شك فيه ولا خلاف عليه أن القيادة أو الإدارة أو أياً كان أسمها المنظومة القائمة على أمر الجماعة، فإنها برأيها وتقديرها وإدارتها ومعالجتها للمسائل، قاردة على تحقيق وتلبية حاجات الفرد والجماعة من غذاء ومسكن وأمن وكرامة وغيرهم، قادرة أيضاً على الإستبداد ومنع الحقوق. ومتى نزل الإنسان عن حقٍ فكأنه نزل عن حقوقه جملة واحدة. فماذا عن اللاجئ المقهور الذي لا يدري أين دفة القيادة؟ طبعاً لا يبرر اللجوء والحالة الفصائلية المعقدة عزوف المجتمع الفلسطيني عن حقه، الحالة السياسية في لبنان بصورتها العامة أيضاً ليست مبرراً. ولنفترض أن الفصائل على شاكلتها حالة خاصة، لكنها بطريقةٍ ما جعلت لها رأساً يمثلنا، أي يمثل خلاصة ما نريد، ويمثل خلاصة ما نرى، فهذا الرأس الذي أخذ منا جسده وأمنه وصوته وهويته وحقه في الحديث باسمنا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، مسؤولاً وحده عن نقل صوتنا وعبراتنا ولهجتنا، فكيف يحقق هذا التمثيل السياسي والإداري المرجو منه إذا لم يبلغه صوتنا ورأينا! لا شرعية لصوت منبثقٍ من الشعب وهو مستقل عنه، وعلى الوجه الأخر لا يصل صوت الذي همس أو صرخ في وسط فوضى. وليس عصياً على الجماعة الواحدة أن تجتمع وتحدد أولوياتها ومطالبها، فإنها وإن اختلف منبتها وفرعها فقد وضعت اليوم في خندق واحد. على الشعب اللاجئ أن يقدر مجريات الأمور، وأن يدرك أن السبب الرئيس في اتساع نكبته أنه وقف متفرجاً في وجه الأزمات المتعاقبة، وأن عواقب خوفه الذي أسكته زادت الطين بلات. فاعلم أولا وآخرا أن مكبر الصوت ليس حكراً على أحد، وليس من ضرورة لتفقه بالسياسة حتى تشارك بها، حقاً شرعياً أكيداً أن تطالب بتمثيلك تمثيلاً صحيحا وأن تشكل جماعة تحت المسمى الذي ترغب، وأن تستفتى، وأن تعتصم، وأن تعصي، وأن تقول بصوت واضح صريح أن آدمي في جماعتي ونحتاج كذا أو لا نريد كذا. وهذا حق يرتبط بكونك آدمي بالدرجة الأولى لا بكونك مواطن في وطنك. كفلت القوانين الدولية دون التمييز الحق في تقرير المصير، فلا شرعية لبعض أفراد في تقرير مصير الجماعة دون الرجوع إليها.

إقرأ المزيد
14
Sep

بدعة الحل البديل عن العمل

ليس يخفى على أحد كيف أن الغريق يتعلقُ بقشَّة، فتقف أيدٍ بإمكاناتٍ جبَّارة وسخاءٍ عجيب من خلف الحواف، ترمي لكل غريقٍ قشَّة. ولا أحسبنا نختلف على أنَّ القشَّة ملهاةً عن الخوف لا تُنجي ولا تُغني.فكيف جعلت تنظيماتنا المُسلَّحة حق العمل وجباية المال الكفيل بحفظ كرامة الإنسان وتأمين حاجته من العيش قشَّةً تُلهي ولا تُنجي؟ لنُعرِّج أولاً على بِدعةِ أونروا في 'المال مُقابل العمل' ونلقِ نظرةً خاطِفةً على ثُقبٍ أحدثته، تقول البدعة أنَّ عددًا مختلِفا من الشُبان والشابات في طورِ إنتاجهم سيتم اختيارهم بشكل دوري ودفعِهم إلى سوق العمل، وسيتم توزيعهم بحسب اختصاصاتهم أو اختياراتهم في استبيانٍ ملؤه سابقا، للعمل فترة زمنية تقارب الستين يوما، والمُقابل المادي 'محرز' ولكنهُ مُنقطع. فما تُجدي بدعةُ أونروا وغيرها من المنظمات التي تُعنى بتشغيل أكبر عددٍ ممكنٍ من الشباب والاستغناء عنهم سريعا؟ هذا أحدث اللااستقرار في المال والمعيشة وفي الحياة الاجتماعية، وحتى أنها لا تُعطي وقتًا كافيًا لاكتساب الخبرة المطلوبة في أي سوق عمل. وليسَ بعيدا عنها حال تنظيماتنا، إنما هُنا قد يُهرق الدم مع العرق.الحال مع الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان وانهيار الليرة بات أكثر تعقيدا، عدد الشباب على مداخل وفي أزقات المُخيَّمات في ازديادٍ مُريب، وأمران واضحانِ لا تقدر أنْ تموّه عنهما البزات العسكرية، وهما صُغر سن المُسلَّحين، وعدمَ أهليتهم على حمل السِلاح، لا وعيًا ولا فقهًا فيه حتى. وبُعيد التقدير البديهي، أننا شعبٌ بنزعة حربية نتيجة ظرفِه وتجارُبِه، وأنَّهُ تُفل النارَ بالنارِ فلا بُدَّ منها، هذا أيضا لا يموّه على أنَّ التحالفات والسياسة نقلت مسألة العودة وحق الدفاع عن النفس-أقله-إلى ميدان آخر نُمنعُ فيه تقرير مصيرنا. فما حاجة تنظيماتنا إلى هذا الكم من المسلحين في أفلاكها؟ وغايةُ الشاب منهم أنْ يؤمن قوته ويُعيل أهله، فيسعى إلى عملٍ لا يفقه فيه ولا يعرف غايته، لا شيء مع بعض الدولارات يجنيه سوى فرصا أكثر للموت، وروحه في حشو رصاصة. خلاصة لكلِّ سابقٍ، يبدو واضحا أنَّ القائم على الشأن الفلسطيني في الشتات أجهض حقه في العمل بشكلٍ دراماتيكي، وأقنعوه أنَّه حلٌ بديل ولا بديل له.

إقرأ المزيد
15
Aug

حقوق وواقع

حقوق وواقع "هناك لغط بين رفض توطين الفلسطيني في لبنان وبين حرمانه من أبسط حقوقه المدنية والاجتماعية والثقافية .. ويعتبر لبنان من الدول التي صادقت على أغلب بنود بروتوكول الدار البيضاء عام1965، عندما نص القرار فيه على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها كمعاملة الشعب الأصلي من ناحية حقوقهم المتمثلة بالإقامة والعمل إلا أن الأمر على أرض الواقع مختلف تماماً فلا يزال يعامل الفلسطيني معاملة الأجنبي، حقوقه محصورة ولا يحصل على ما جاء من حقوق في المواثيق الدولية من حيث الملكية ولا يمكننا أن ننسى أن لبنان استهل مقدمة دستوره بنص أعرب فيه احترام الإعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي لحقوق الانسان " وعجيبة صحوة الوزير "كميل أبو سليمان"، على أحقية اليد العاملة اللبنانية بالعمل داخل لبنان مثل باقي الأيدي العاملة.. ليصدر قراره باسم "خطة العمالة الأجنبية في لبنان"، في ما ترك الوزراء من قبله الأمر على وجه الاستثناء !! على أي حال.. في لبنان عليك أن تعتاد على كل ما هو غريب وعجيب رؤية مُحقة غير مسبوقة! يجد الوزير أن ما يفعله صائبًا، وهو إجراء قانوني يأخذ مجراه، وهو بهذا ربما يلفت النظر إلى أنه يعمل على تعديل وتغيير الواقع الذي مر عليه عهد من الزمن ولم يتغير، في حين أن الشعب اللبناني ينتظر التغيير والتجديد فهو الآخر قد مل من التكرار ومن المشاكل السياسية وكل شيء يتجه نحو الأسوء .. فكان حماس الوزير يصب في بداية الأمر على وضع خطة قانونية بنظره؛ تعمل على حفظ حق اللبناني بالعمل دون منازع ولا منافس! في حين لم يلتفت الوزراء من قبله إلى الحقوق والضمانات والأحقية والأهلية... فكانوا غافلين وكان وحده على يقظة. ولكن سيادة الوزير لم يلحظ أن دولته حظرت ما يقارب السبعين مهنة على الفلسطيني، فكيف يستطيع الحصول على إجازة عمل هي في الأساس ممنوعة!!؟ وهل نظر في وجود لجنة حوار فلسطيني لبناني تتبع لمجلس الوزراء؟ وهل من حق قراره أن يتجاوز هذه اللجنة؟ !! الواقع يتعرض العامل الفلسطيني لتحديات كبيرة في سوق العمل اللبناني. فإن تمكن من الحصول على عمل، فإن أول ما يصطدم به هو مزاجية صاحب العمل لناحية أسلوب الحرمان والتقليل من القيمة والأجر القليل الذي يمنحه مقابل العمل الكثيف.. ناهيك عن الشروط المجحفة والفروض القاسية والمعاملة المُسيئة، إضافة إلى أنه في مهب الفصل التعسفي بأي لحظة، ولا غطاء قانوني يحميه. ولا يوجد فارق بين العامل الحر وحامل الشهادة .. فالمهندس الفلسطيني الذي يُنفذ المشروع بجهد متواصل لناحية المتابعة والتدقيق والتنفيذ، على الرغم من كل تلك الجهود، إلا أن هذه الجهود توضع باسم المهندس اللبناني الذي وكّل الفلسطيني بوظيفته. ولو ذهبنا للأطباء الفلسطينيين الذين نجحوا في امتحان الكولوكيوم، نجد أنهم لا يستطيعون إلا العمل في مؤسسات الغوث ومستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، ناهيك عن أن التقارير الطبية الصادرة عن الأطباء الفلسطينيين غير معترف بها من قبل الدولة اللبنانية إلا بعد أن تُمهر بتوقيع طبيب لبناني. لن أتكلم عن المباني التي تسقط يوماً بعد يوم وهي تحت إشراف مهندس لبناني .. ولن أتطرّق لمعاناة اللبناني من الطبابة في لبنان لناحية الكفاءة والتكاليف والأخطاء الطبية المميتة، وهروبهم إلى سوريا لقلع ضرس أو إجراء عملية الزائدة الدودية وهي أبسط العمليات التي يخشى اللبناني إجراؤها في لبنان. لا بد من النظر إلى الأمور عن كثب ومعاينة الواقع.. ثم بعدها يمكن التقرير والحديث عن الحقوق والأفضليات. إن عمالة الفلسطيني هي ليست سلب حق العامل لبناني، وهي لا تعتبر منافسة، كما يقال .. (أعطي الخباز خبزه ولو أكل نصفه).. فلكل مصلحة أهل والمواطن اللبناني يمكنه أن يحكم. ولا أقلل من شأن اللبناني في سطوري هذه، ولكن أتناول فئة من الفئات التي يشهد عليها اللبناني بنفسه، ففي كل قوم صالح وطالح وعالم وجاهل.. ولكل إنسان رزقه ولا يأخذ من رزق غيره إلا بما قُدّر له.

إقرأ المزيد
04
Jul

العودة حق

باتت القضية الفلسطينية جرح الفلسطيني وحده، ووسيلة العرب وحدهم للمتاجرة والمساومة وتحقيق هدفهم الوحيد .. فهي ليست اقتصاداً زاهراً، ولا تطوّراً نافراً، ولا إبرازاً للوجود، والهيمنة على القضية الفلسطينية وسلبها من المُعتدين وردها لأهلها .. إنما الهدف هو البقاء في السلطة حتى نهاية العالم .. ولتذهب القضية الفلسطينية إلى الجحيم، وليبقى كرسي الحكم ... إنها الحقيقة التي تكشفها لنا تطوّرات القضية الفلسطينية كل يوم، ونكتفي بتطبيع الدول العربية التي كانت تبرز في المحافل الدولية وتنادي بحقوق الفلسطينيين، ها هي اليوم في مقدمة المُطبّعين والمُتعاونين والمخفي أعظم.

إقرأ المزيد
18
Jun

فلسطينيو 'خارج المخيمات' مانع إضافي من العمل

لم يستثنِ إعلان حقوق الإنسان إنساناً من جملة الحقوق الطبيعية التي نص عليها، أبرزها "الحق في العمل". فقد جاء في المادة ٢٣ منه التالي:" لكل شخص حق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية، وفي الحماية من البطالة"، وعليه فإن أي طارئ لا يلغي احتياجات أي إنسان ولا يسقط له كرامة .. هذا المفهوم يعترف به الجميع على خلاف لغاتهم وثقافاتهم، ما لم تكن مستضعفاً.

إقرأ المزيد