حقوق وواقع

15
Aug
حقوق وواقع
 
"هناك لغط بين رفض توطين الفلسطيني في لبنان وبين حرمانه من أبسط حقوقه المدنية والاجتماعية والثقافية .. ويعتبر لبنان من الدول التي صادقت على أغلب بنود بروتوكول الدار البيضاء عام1965، عندما نص القرار فيه على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها كمعاملة الشعب الأصلي من ناحية حقوقهم المتمثلة بالإقامة والعمل  إلا أن الأمر على أرض الواقع مختلف تماماً فلا يزال يعامل الفلسطيني معاملة الأجنبي، حقوقه محصورة ولا يحصل على ما جاء من حقوق في المواثيق الدولية من حيث الملكية ولا يمكننا أن ننسى أن لبنان استهل مقدمة دستوره بنص أعرب فيه احترام الإعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي لحقوق الانسان "
وعجيبة صحوة الوزير "كميل أبو سليمان"، على أحقية اليد العاملة اللبنانية بالعمل داخل لبنان مثل باقي الأيدي العاملة.. ليصدر قراره باسم "خطة العمالة الأجنبية في لبنان"، في ما ترك الوزراء من قبله الأمر على وجه الاستثناء !! على أي حال.. في لبنان عليك أن تعتاد على كل ما هو غريب وعجيب
 
رؤية مُحقة غير مسبوقة!
يجد الوزير أن ما يفعله صائبًا، وهو إجراء قانوني يأخذ مجراه، وهو بهذا ربما يلفت النظر إلى أنه يعمل على تعديل وتغيير الواقع الذي مر عليه عهد من الزمن ولم يتغير، في حين أن الشعب اللبناني ينتظر التغيير والتجديد فهو الآخر قد مل من التكرار ومن المشاكل السياسية وكل شيء يتجه نحو الأسوء ..  فكان حماس الوزير يصب في بداية الأمر على  وضع خطة قانونية بنظره؛ تعمل على حفظ حق اللبناني بالعمل دون منازع ولا منافس! 
في حين لم يلتفت الوزراء من قبله إلى الحقوق والضمانات والأحقية والأهلية... فكانوا غافلين وكان وحده على يقظة.
ولكن سيادة الوزير لم يلحظ أن دولته حظرت ما يقارب السبعين مهنة على الفلسطيني، فكيف يستطيع الحصول على إجازة عمل هي في الأساس  ممنوعة!!؟ وهل نظر في وجود لجنة حوار فلسطيني لبناني تتبع لمجلس الوزراء؟ وهل من حق  قراره  أن يتجاوز هذه اللجنة؟ !!
الواقع
يتعرض العامل الفلسطيني لتحديات كبيرة في سوق العمل اللبناني. فإن تمكن من الحصول على عمل، فإن أول ما يصطدم به  هو مزاجية صاحب العمل لناحية أسلوب الحرمان والتقليل من القيمة والأجر  القليل الذي يمنحه مقابل العمل الكثيف.. ناهيك عن الشروط المجحفة والفروض القاسية والمعاملة المُسيئة، إضافة إلى أنه في مهب الفصل التعسفي بأي لحظة، ولا غطاء قانوني يحميه.
ولا يوجد فارق بين العامل الحر وحامل الشهادة ..  فالمهندس الفلسطيني الذي يُنفذ المشروع بجهد متواصل لناحية المتابعة والتدقيق والتنفيذ، على الرغم  من كل تلك الجهود،  إلا أن هذه الجهود توضع  باسم المهندس اللبناني الذي وكّل الفلسطيني بوظيفته.
 ولو ذهبنا للأطباء الفلسطينيين الذين نجحوا في امتحان الكولوكيوم، نجد أنهم لا يستطيعون إلا العمل في مؤسسات الغوث ومستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، ناهيك عن أن التقارير الطبية الصادرة عن الأطباء الفلسطينيين غير معترف بها من قبل الدولة اللبنانية إلا بعد أن تُمهر بتوقيع طبيب لبناني.
لن أتكلم عن المباني التي تسقط يوماً بعد يوم وهي تحت إشراف مهندس لبناني ..  ولن أتطرّق لمعاناة اللبناني من الطبابة في لبنان لناحية الكفاءة والتكاليف والأخطاء الطبية المميتة، وهروبهم إلى سوريا لقلع ضرس أو إجراء عملية الزائدة الدودية وهي أبسط العمليات التي يخشى اللبناني إجراؤها في لبنان.
لا بد من النظر إلى الأمور عن كثب ومعاينة الواقع.. ثم بعدها يمكن التقرير والحديث عن الحقوق والأفضليات.
إن عمالة الفلسطيني هي ليست سلب حق العامل لبناني،  وهي لا تعتبر منافسة، كما يقال .. (أعطي الخباز خبزه ولو أكل نصفه)..  فلكل مصلحة أهل والمواطن اللبناني يمكنه أن يحكم.
ولا أقلل من شأن اللبناني في سطوري هذه، ولكن أتناول فئة من الفئات التي يشهد عليها اللبناني بنفسه، ففي كل قوم صالح وطالح وعالم وجاهل.. ولكل إنسان رزقه ولا يأخذ من رزق غيره إلا بما قُدّر له.