حق العودة لا يُساوم به ولا يُساوم عليه
جرت العادة إذا كنت لاجئاً مستضعفاً أن تخيّر .. يضعون في كف ما يضمن استمرارك في العيش، وفي كف أخرى كرامتك .. ولك الحق أن تختار كفاً واحدة فحسب، ثم لا تعطى من الكفين شيئا.
بموجب القرار 217 ألف ، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الإنسان معياراً مشتركاً للشعوب والأمم كافة. وأقرت في المقدمة أن الإعلان يحدد، وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً.
وأقر إعلان حقوق الإنسان في الفقرة الثانية من المادة 13 بأن:" لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده". هذا لمن غادر ! فكيف لمن هجّر؟
واقع الأمر حتى لا نبالغ، أن المسألة أقدم من صفقة القرن أو ’خطة السلام‘ التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في واشنطن العام 2020 .. المسألة أقدم في لبنان على أقل تقدير، تعود لعمر الطائفية والحسابات السياسية والتوزيع النسبي. وترتبط ارتباطا غير مبرر بالحق في التوطين.
فبحسب الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 296 :" لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين" وقس عليه.
أي قانون شرّع أو في صدد التشريع لا بد له أن يمر بمرحلة التنقية من الحق الفلسطيني بأن يتمتع بإنسانيته، حتى القرارات الوزارية تستنفر هذا وذاك من الأقليات أو الطامعين بالانتفاع من انكسار الفلسطيني، والذريعة المعلبة دوماً هي رفض التوطين، والمهتم بتجميل خطابه يحاضر بحق العودة.
ولكن أي حرص هذا على عودة صاحب الأرض إلى أرضه يدفع بسلطات عربية تعادي الاحتلال وترفضه قولاً وتناحره في خطب جماهيرية عصماء إلى حرمان الفلسطيني من حقوقه التي تلبي حاجات أساسية تسد جوعه وتروي عطشهن وتسهل تنقله وتعلمه وعمله وسلامته فحسب، ويصار الأمر كأنه إما هذا أو ذاك؟!
إنها جريمة أخلاقية وإرهاب مقونن ترتكبه السلطات سيما اللبنانية، وتعينها وكالة الأنروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في صمتها عن هذا الحرمان التعسفي، ومقايضة لقمة العيش وطرقه بحق آخر ثابت في إعلان حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وهو حق العودة.
هذا استغلال مكروه لحاجة الفلسطيني كونه إنسان له حقوق مدنية وسياسية، يعملون لصرفه عن مطلبه وغايته الأصل في العودة إلى وطنه فلسطين، من خلال إلهائه بالواقع الذي يعيش.
هناك انتهاك واضح لإعلان حقوق الإنسان المعتمد لدى جمعية الأمم المتحدة، الذي نص في المادة 30:" ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة، أو أي فرد، القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه".