مطالب وجود ثانوية في مخيم برج الشمالي

23
Feb
العيش بكرامة لا يعني فقط أن يتوفر لديك قوت يومك، أو منزلاً تقطن فيه، أو حتى وجود شارع معبّد .. فالكرامة تشمل أكثر من ذلك وتتوسع كلما توسعت معها هموم اللاجئين الفلسطينيين في شتى بقاع الأرض.
 
ففي القرن الواحد والعشرين، لا يزال اللاجىء الفلسطيني يعاني من أجل الحصول على حقه في التعليم كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن التعليم حق للجميع، ولا يعطي إمكانية  لأحد بالحرمان منه مهما كانت الذريعة. كما أن تأمين مكان لممارسة هذا الحق يعد من الأمور المسلم بها لدى كافة الشعوب في العالم.
 
لكن لهذا العام خصوصية لدى اللاجئين الفلسطينيين .. فلبنان يشهد أزمة اقتصادية طاحنة تأثر بها حال الفلسطيني كحال اللبناني .. وبات الفلسطيني عاجز عن التنقل كما في السابق وذلك يعود لارتفاع أسعار المحروقات، وتردي الأوضاع المعيشية.
 
أما عن حال الطلاب الفلسطينيين اللاجئين في مخيم برج الشمالي، فإن حقهم في الحصول على التعليم منتهك إلى حد كبير، وذلك الواقع تتحمل مسؤوليته وكالة الأنروا التي تتعمد تجاهل مطالب أهالي الطلاب الذين يدعون بشكل دائم إلى استحداث صفوف للمرحلة الثانوية داخل المدرستين الموجودتين في المخيم .. كما تتحمل مسؤولية هذا التقصير الفصائل الفلسطينية التي تغيب عن القيام بدورها  في مساعدة ومساندة الأهالي في مطالبهم.. الأمر الذي فاقم من حجم المشكلة، وبالتالي أدى إلى تفاقم معاناتهم.
 
ولعل الحديث عن هذه الأزمة يستمر طيلة أيام السنة الدراسية .. فالوضع المعيشي يزداد سوءاً بشكل   عام، واللاجىء الفلسطيني متأثر بهذه الأوضاع بشكل خاص بخاصة القاطنين داخل المخيمات الفلسطينية.
 
 إن طلاب المرحلة الثانوية الذين يعيشون في مخيم برج الشمالي يعانون من أزمات كبيرة تطال  مسيرتهم التعليمية، ويعود ذلك إلى خلو المخيم من مدرسة ثانوية يتلقون التعليم فيها. ما يضطرهم إلى الالتحاق بمدارس ثانوية خارج المخيم، يحتاج ارتيادها إلى مبالغ كبيرة تدفع بدلاً للمواصلات والتنقل، الأمر الذي يرتب على الأهالي المزيد من الأعباء والتكاليف المالية. 
 
 
إن مطالبة الأهالي والطلاب باستحداث صفوف ثانوية داخل المخيم ليست بالجديدة ..  فهذه المطالبات  قديمة، وهم يعتبرون أن هذه المطالب هي حق لهم، يجددون التمسك فيها مع بداية كل عام دراسي جديد .. 
 
فمع بداية العام الدراسي الحالي، قام الأهالي بتنفيذ عدد من الاحتجاجات للمطالبة بحق أبنائهم في التعلم، وباستحداث صفوف ثانوية لهم داخل المخيم، الأمر الذي اعتبروه أنه سيخفف من الأعباء عليهم، وسيحمي مسيرة أبنائهم التعليمية.
 
وتأتي هذه التحركات الاحتجاجية في وقت يعاني فيه اللاجئون من تردي الأوضاع المعيشية بين صفوفهم، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان بشكل عام.. فكلفة المواصلات تجاوزت الـ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية لكل ١٠ أيام دوام فقط .. وسقف التكلفة غير ثابت، بل قد يرتفع مع ارتفاع الدولار الأميركي.
 
وأكد الأهالي أن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا" عليها تحمل مسؤولية دفع مستحقات بدل نقل الطلاب إلى خارج المخيم، أو التعهد ببناء ثانوية لهم داخل المخيم.. ولكن ومع التحركات الاحتجاجية المستمرة، بات الأهالي مقتنعون أن هذه الوعود التي تطلقها الأنروا ما هي إلا كالبخار في الماء تختفي مع مرور الوقت.
 
ولم يقتصر الأمر على وعود الأنروا، بل تعدهت اللجنة التربوية في اللجان الشعبية مع بداية العام الدراسي على متابعة هذا الملف .. ولكن لم يتغير أي شيىء لغاية الآن، بل معاناة الطلاب والأهالي تفاقمت.
 
ولم يقتصر الأمر فقط على معاناة الأهالي والطلاب، بل تعداها ذلك لأصحاب الباصات الذين ناشدوا الجهات المعنية داخل المخيم متابعة قضيتهم بسبب عدم دفع الوكالة لهم مستحقاتهم المطلوبة بدل إيصال طلاب وطالبات الثانوية داخل مخيم برج الشمالي، الأمر الذي فاقم من حجم معاناتهم، وأدى بهم إلى التهديد بتصعيد التحركات الاحتجاجية لانتزاع حقوقهم.
 
وجاء احتجاج أصحاب الباصات بسبب عدم تلقيهم لكامل مستحقاتهم المالية عن شهر تشرين  الأول كبدل لإيصال الطلاب، واقتصر الدفع على عدد قليل من الطلاب.
 
يضاف إلى معاناتهم بسبب عدم تلقيهم مستحقات شهري كانون الأول وكانون الثاني .. علماً أن المحروقات سعرها مرتفع ومتغير تبعاً لسعر صرف الدولار الأميركي.. لذلك صعد سائقو الباصات من تحركاتهم وتوجهوا إلى الجهات المعنية من إدارة وكالة الأنروا واللجان الشعبية والأهل من أجل استكمال المستحقات المترتبة عليهم.
 
 
داخل مخيم برج الشمالي يوجد أربع مدارسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا، وهي: فلسطين، صرفند، جباليا، وبيت لحم.  تقع مدرستا الصرفند وجباليا في حي المدارس داخل المخيم،  بينما تقع مدرستا فلسطين وبيت لحم  في محيط المخيم في بلدة برج الشمالي.
 
وعلى الرغم من تمتع هذه المدارس بجودة بالبناء وبعض الوسائل الحديثة، إلا أن المشاكل فيها تكمن في المرافق الصحية ومياه الشرب التي لا تخضع لشروط النظافة على الرغم من الأعداد المعتدلة للطلاب  الموجودة داخل هذه المدارس .. فهي غير مكتظة، وأعداد مرتادوها مقبول نوعاً ما. 
 
أما بالعودة لمستوى التعليم في هذه المدارس، فهو دون المستوى المطلوب، ولا يلبي طموحات الطلاب الذين لا يتلقون التعليم وفقاً للمناهج الحديثة المتطورة.. الأمر الذي يدفع الكثير من طلاب مدارس الأنروا إلى التسجيل بشكل خاص لدى مدرس/ة لتلقي دروساً خصوصية. ولعل ما يدفع الأهالي إلى مثل هذا الإجراء هو غياب الثقة لديهم في التعليم الذي يقدم داخل مدرس الأنروا. 
 
أما عدد متلقي التعليم الجامعي فهو قليل، ويعود ذلك إلى ارتفاع الأعباء الاقتصادية لدي الأهالي. يضاف إلى ذلك غياب دور الأنروا في التعامل مع الطلاب معاملة واحدة، فالمنح المقدمة توزع تبعاً للواسطة .. لذلك يتجه الكثير من أبناء المخيم لتلقي التعليم الجامعي في اختصاصات لا يرغبون فيها لمجرد الحصول على شهادة تعليمية، وغالبيتها تكون في قطاع العلوم الاجتماعية.
 
يشار إلى أن قاطنو مخيم برج الشمالي غالبيتهم يعملون بالمياومة في قطاعي الزراعة والإنشاءات المعمارية وبأجور متدنية، الأمر الذي فاقم من معاناتهم بخاصة في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات في لبنان.. ولعل من أبرز الظروف الصعبة التي يعانون منها هو انتشار مرض التلاسيميا بشكل كبير بين صفوف الأطفال داخل المخيم.
 

كتابة جيهان خالد الاسد